أصبح التحول نحو أسواق الكربون أمرًا إلزاميًا وليس رفاهية فى ظل التوجه العالمى نحو تخفيض الانبعاثات الكربونية، والحاجة إلى تمويل التحول للاقتصاد الأخضر، وتسعى مصر لخلق قنوات تمويل جديدة للدولة والشركات عبر إطلاق السوق الطوعى للكربون، والسعى لتدشين سوق إلزامي.
وتساعد أسواق الكربون على تعبئة الموارد، وتقليص التكاليف بما يتيح للبلدان والشركات المجال لتسهيل التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.وتشير التقديرات إلى أن تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ المساهمات الوطنية فى مكافحة تغير المناخ، كما أن تدشين أسواق مختلفة لتداول شهادات الكربون يعد توجها عالميا فى الفترة الحالية لتخفيض انبعاثات الكربون خاصة بعد اتفاقية باريس للمناخ، وقد قررت مصر إنشاء سوق طوعية لتداول شهادات الكربون فى نوفمبر الماضى، فماذا لو أنشأت مصر سوقا إلزامية لتداول شهادات الكربون؟.
وتصنف أسواق الكربون إلى نوعين، الأول هو سوق الكربون الإلزامى، الذى يهدف إلى ضرورة أن يحقق المشارك الأهداف الصارمة التى حددتها الحكومات، ويتم تنظيمها من خلال خطط دولية أو إقليمية لخفض الانبعاثات.
والنوع الثانى هو سوق الكربون الطوعية، التى تسمح للشركات أو الأفراد بتعويض انبعاثاتها على أساس طوعى من حيث أرصدة الكربون، وعادة ما تشارك الشركات على أساس طوعى استجابة لمسؤوليتها الاجتماعية وليس إلزامًا من الحكومة.
الديوانى: مصر بحاجة إلى السوق الإلزامى للكربون لجذب المستثمرين
وقال شريف الديوانى الشريك المؤسس والمدير التنفيذى لشركة “إم جى إم” لأعمال المناخ، إن مصر بحاجة إلى السوق الإلزامى للكربون لمساعدة الشركات على تخفيض الانبعاثات الكربونية، حيث تصدر الشركات بمختلف القطاعات تقرير تخفيض الانبعاثات كل عامين مما يخلق التزاماً من الشركات بالعمل على تخفيض انبعاثاتها.
وأوضح الديوانى، أن السوق الإلزامى سيعود بالنفع على مصر، بفضل جاذبيته للمستثمرين، وسوف يصبح مقصدا للاستثمار تستطيع الشركات من خلاله المساهمة بالالتزامات الوطنية، ويعد وسيلة لجذب الاستثمارات فى خفض الانبعاثات.
وأضاف أن الشركات العاملة فى بعض الصناعات التى لن تستطيع تخفيض انبعاثاتها للنسبة المطلوبة مثل قطاع مواد البناء ستحصل على «شهادة كربونية» مما يخلق طلبًا على الشهادات وبالتالى لابد أن يقابله عرض مما يزيد الحاجة لسوق كربون.
ويمكن للشركات الأقل إطلاقًا للانبعاثات من الحد المسموح به بيع شهادات لكيانات أخرى تصدر انبعاثات كثيرة، وهذا يُجنب الأخيرة عقوبات تفرضها الحكومة، بموجب نظام تداول الانبعاثات.
وأشار الديوانى، إلى أن السوق الإلزامى بمصر سيحتاج إلى قانون لتنظيم التعاملات به، وستحصل الدولة على جزء من العائد منذ بدء عمله.
وكشفت مصادر لـ«البورصة»، خلال شهر ديسمبر الماضى، أن الحكومة قد استعانت بالبنك الدولى لتدشين سوق إلزامى لتداول شهادات الكربون، وسيقوم البنك بالمساعدة فى التأسيس ونقل الخبرات اللازمة لتأسيس السوق، كما سيقدم الاستشارات اللازمة لوضع القانون التشريعى الخاص بالسوق الإلزامى.
السويدى: الشركات تحتاج للتعرف جيدا على آليات عمل السوق الإلزامى قبل تدشينه
وقالت منال السويدى المستشار الفنى لمجلس إدارة شركة السويدى إليكتريك، إن الشركات والمستثمرين يحتاجوا إلى معرفة أرصدة الكربون وسوق الكربون بشكل عام وكيفية المشاركة بها، قبل البدء فى التوسع وتدشين سوق إلزامى للكربون.
وأضافت السويدى، أنه بشكل عام فإن نسبة انبعاثات الكربون للشركات المصرية لا تتخطى 1%، والشركات التى تقوم بالتصدير لأوروبا ستدفع ضريبة «البصمة الكربونية» فى حال زيادة الانبعاثات فى المنتجات عن الحد الأقصى.
وأوضحت أن الاتحاد الأوروبى منح الشركات مهلة 3 سنوات، على أن تطبق الضريبة بدءاً من عام 2026، حيث تقوم بدفع 90 يورو على كل طن كربون أكثر من الحد الأقصى، وقد بدأ تطبيق المعايير بصورة تجريبية منذ أكتوبر الماضى لتقوم كل شركة بالإفصاح عن نسبة الانبعاثات لديها.
ووفقاً لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فإن اتفاقية الاتحاد الاوروبى والتى أعلن بها عن آلية “تعديل حدود الكربون CBAM”، تشمل العديد من المنتجات المحددة فى بعض القطاعات الأكثر كثافة للكربون والمعرضة لخطر “تسرب الكربون”، مثل الحديد والصلب فيما يشمل المنتجات النهائية “الصواميل والمسامير”، وقطاع الأسمنت والأسمدة والألومنيوم والكهرباء والهيدروجين.
وأعلن البرلمان الأوروبى عن خطته لإدراج المواد البلاستيكية والمواد الكيميائية بعام 2026، بالإضافة الى جميع القطاعات التى يغطيها نظام الاتحاد الأوروبى لتداول الانبعاثات.
وقالت السويدى، إن السوق الإلزامى سيشمل فى البداية القطاعات التى حددتها الحكومة المصرية فى تقرير «المساهمات المحددة وطنيًا» والذى يصدر سنويًا وتضع فيه الدولة مستهدفاتها لخفض البصمة الكربونية فى قطاعات محددة.