لماذا تشهد أسعار النفط استقراراً رغم استمرار التوترات؟

يتساءل الكثير من المراقبين لأسواق النفط العالمية عن أسباب استقرار الأسعار على الرغم من استمرار الحرب في غزة والمخاوف من توسعها، مع استمرار الهجمات في البحر الأحمر والذي يتم من خلاله عادةً شحن نحو 12% من النفط الخام المنقول بحراً على مستوى العالم.

ونشرت مجلة “إيكونوميست” المتخصصة تقريراً اطلعت عليه “العربية نت”، قال إن هناك 3 أسباب تقف وراء الاستقرار الذي تشهده أسعار النفط حالياً على الرغم من وجود العوامل التي يُفترض أن تدفع إلى ارتفاعها بشكل حاد.

ارتفع سعر خام برنت، وهو معيار عالمي، إلى ما يزيد عن 85 دولاراً للبرميل في الربيع الماضي بعد أن قالت منظمة “أوبك+” إنها ستخفض الإنتاج، وعندما مددت السعودية تخفيضات إنتاجها في سبتمبر الماضي وصلت الأسعار إلى ما يقرب من 100 دولار، كما ارتفعت الأسعار مرة أخرى بعد اندلاع الحرب في الأراضي الفلسطينية في أكتوبر من العام الماضي.

ومع ذلك، في كل مرة كانت الأسعار تعود سريعاً إلى النطاق الذي يتراوح بين 75 و85 دولاراً، فيما أنهى خام برنت عام 2023 عند 78 دولاراً، بانخفاض 4 دولارات عن بداية العام.

وتقول “إيكونوميست”، إن هناك ثلاثة أسباب تجعل المتداولين يتوقعون استمرار الاتجاه نفسه في العام 2024، وهو ما يؤدي الى استقرار الأسعار على الرغم من التوترات السياسية والعسكرية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

أما السبب الأول فهو العرض، والذي كان لسنوات عديدة المحرك الأكبر لارتفاع الأسعار، حيث أصبح إنتاج النفط الآن أقل تركزا في الشرق الأوسط مما كان عليه طوال الخمسين عاما الماضية.

وانتقلت المنطقة من حفر 37% من النفط العالمي في عام 1974 إلى 29% اليوم، كما أن الإنتاج أقل تركزاً بين أعضاء منظمة أوبك، ويرجع ذلك جزئياً إلى طفرة النفط الصخري في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي حولت أمريكا إلى مصدر رئيسي للطاقة لأول مرة منذ عام 1949 على الأقل.

وتعتقد وكالة الطاقة الدولية أن المصادر الجديدة، إلى جانب الكميات المتزايدة من أمريكا وكندا، ستغطي معظم النمو في الطلب العالمي في عام 2024.

كما استمر تدفق النفط من روسيا، ثالث أكبر منتج في العالم، على الرغم من القيود التي فرضها الغرب، والتي فرضت في عام 2022 حداً أقصى لسعر البرميل قدره 60 دولاراً على الصادرات الروسية من النفط الخام المنقول بحراً.

والسبب الثاني للهدوء في أسواق النفط، بحسب “إيكونوميست”، هو القدرة الإنتاجية الفائضة الوفيرة لدى أعضاء منظمة أوبك، فعندما يكون الإنتاج محدودا، كما كان الحال في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن البلدان المصدرة لا يكون لديها مجال كبير للاستجابة للزيادات في الطلب. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار، أما اليوم فالوضع مختلف.

وتشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن الأعضاء الأساسيين في منظمة أوبك لديهم حوالي 4.5 مليون برميل يومياً من الطاقة الفائضة، وهو ما يزيد عن إجمالي الإنتاج اليومي للعراق، وفي الوقت الحالي، يراهن التجار على أن وسادة أوبك يمكن أن تخفف من وطأة انقطاع الإمدادات.

أما السبب الثالث والأخير فهو الطلب نفسه، حيث لا تزال شهية العالم كبيرة للنفط، ووصل الطلب إلى مستوى قياسي في عام 2023 وسيظل أعلى في عام 2024، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى النمو في الهند.

لكن من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار كثيرا، وذلك لأن النمو العالمي ليس بالمستويات التي شهدناها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وتشهد الصين، التي ظلت لفترة طويلة أكبر مستورد للنفط في العالم، نمواً اقتصادياً هزيلاً، كما أن التغييرات الهيكلية في اقتصادها تجعلها أقل تعطشا لهذه الأشياء: في العام المقبل، على سبيل المثال، من المتوقع أن تكون نصف السيارات الجديدة المباعة في البلاد كهربائية. وسوف يكون للسياسات المناخية الأخرى تأثير مماثل في أماكن أخرى.

شاهد أيضاً

وزير البترول يبحث شركة انرجيان اليونانية فرص التعاون في مجال الطاقة

التقي المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية ، ماثيوس ريجاس الرئيس التنفيذي لشركة انرجيان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *