أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، اليوم الخميس، أن مصر تجاوزت الكثير من تبعات أزمة كورونا على مدار العامين الماضيين.
وتقدم الرئيس السيسى- خلال كلمته، عبر تقنية “الفيديو كونفراس”، بمناسبة المنتدى العالمي للتعافي من جائحة فيروس كورونا، بمنظمة العمل الدولية- بالشكر للمنظمة على تنظيم هذا الحدث المهم الذي يجمع بين رؤساء الدول والحكومات بوصفهم المسئولين عن صياغة وتنفيذ سياسات دولهم الوطنية.
وقال السيسى: “إن مستقبل النظام الدولي في عالم جديد أخذ في التشكل أمامنا يوما بعد يوم، مشيرا إلى أن جائحة كورونا عصفت بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتجاوزت في تأثيرها أكثر زمات العالم فداحة”.
وأضاف أن أي محاولات للتغلب على تداعيات تلك الأزمة لابد وأن يكون الإنسان محورها الرئيسي، مؤكدا أن جائحة كورونا كانت ولا تزال أزمة إنسانية بوجه عام لا أزمة صحية فقط أو اقتصادية أو اجتماعية فحسب.
وأكد أن مصر استطاعت تجاوز الكثير من تبعات أزمة “كورونا” على مدار العامين الماضيين، من خلال سياسات مالية واقتصادية واجتماعية، أثبتت نجاحها وفاعليتها ونبذل في الوقت الراهن، جهودًا شهدت لها مختلف الأطراف الدولية مكنتنا من تحقيق معدلات نموٍ إيجابيةٍ، رغم كافة الصعاب التي واجهناها، ولانزال وساهمت في إيجاد حالة من الاستقرار والثقة الدولية، في قدرة الاقتصاد المصري على الصمود وامتصاص الأزمات وتجاوزها.
وأضاف الرئيس السيسى أن مصر استطاعت أيضًا رغم الأزمة، أن تنفذ مبادرات طموحة، لرفع مستوى معيشة المواطن في الريف والمناطق الأكثر احتياجًا، من خلال مبادرة “حياة كريمة”، ومد شبكة الضمان الاجتماعي لمئات الآلاف من الأسر، من خلال برنامج “تكافل وكرامة” مما ساهم في تخفيف عبء الجائحة، فضلًا عما تبذله مصر من جهود لتعزيز الشمول المالي، ودمج الاقتصاد غير الرسمي والرقمنة.
وأشار إلى أن تلك الأزمة قد كشفت بشكل جلي، عن مواطن ضعف ببعض جوانب المنظومة الدولية، يتعين علينا التوقف عندها وبحثها، بغية إيجاد حلول فعالة للتغلب عليها.
وتحدث الرئيس السيسى حول مستقبل النظام الدولي خلال السنوات القادمة، وقدرته على الاستجابة للأزمات العالمية الطارئة، وتبعاتها متعددة الأبعاد.
وتساءل “هل يمكن لنا تحمل تبعات استمرار وجود نحو “61%” من قوة العمل في العالم في عداد الاقتصاد غير الرسمي فضلًا عن افتقار نحو “4” مليارات إنسان للضمان الاجتماعي؟.. قائلا “إذا كانت الإجابة بلا، وأظنها كذلك، فيصبح التساؤل المنطقي الثاني هـل لدينا القدرة على الخروج – جماعيًا – من الأزمة والتطلع إلى مستقبل أفضل؟.. وإذا كانت الإجابة نعم، وأظنّنا نريدها كذلك فأي طريق نسلك؟.. هل نستمر على السياسات القديمة، أم نحاول البحث عن سياسات جديدة؟”.
وأضاف “إننا وقد اتفقنا على صعوبة الاستمرار على الوضع الحالي، فعلينا أن نتفق كذلك، على أنه لا خروج من هذه الأزمة، دون سياسات متكاملة، وآليات فاعلة لتنفيذها وقدرة مالية على ذلك، وتلك التحديات ستجد الكثير من الدول النامية والأقل نموًا، صعوبات جمة في تجاوزها”.
وأوضح أن التعافي من الأزمة ممكن، إذا توافرت الإرادة الدولية الصادقة، والتزمت جميع الأطراف بمبـدأ تقاسـم الأعباء والمسئوليات، في إطـار من الشراكة الدولية الحقيقية، ذات الآليات الواضحة والمسئوليات المحددة.
وأشار إلى أن إعادة ترتيب الأولويات، التي عادة ما تصاحب مراحل ما بعد الأزمات، لابد ألا تنتهي بنا إلى مسارات متباينة، يكون من شأنها عرقلة مساعينا الجماعية، لبلوغ أهداف التنمية المستدامة، أو إضعاف الثقة التي وضعناها جميعًا في هذه الأهداف وآليات تنفيذها، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأكد أهمية دور المؤسسات والمنظمات الدولية، في صياغة سياسات للعمل، تستطيع إيجاد حلول لمشكلات اجتماعية تنشأ وتتطور بسرعة، بشكل ربما يتجاوز قدرة المنظومة الدولية الحالية، على مواكبتها والتكيف معها.
وأشار إلى محورية ما تقوم به منظمة العمل الدولية في هذا السياق، خاصةً” النداء العالمي للتعافي الشامل والمستدام”، الذي أقره مؤتمر العمل الدولي في عام 2021، ليكون منهاج عمل واضحًا لكافة الأطراف، في سبيل تحقيق تعاف شامل ومستدام محوره الإنسان.
وأوضح الرئيس السيسى أن أزمة المناخ العالمية وتبعاتها السلبية، ألقت بدون شك، بظلالها على جهود دولنا في التعافي من الجائحة، وتجاوز تأثيراتها المتعددة، خاصة في الدول النامية.. وعلى الرغم من ذلك فإن عالمنا اليوم، لا يملك رفاهية الانتظار، أو التقاعس عن القيام بالجهد المطلوب، لمواجهة تغير المناخ ودرء آثاره.
وجدد الرئيس السيسى تأكيده على ضرورة إيجاد السبل الكفيلة، بتمكين الدول النامية من الوفاء بالتزاماتها، ورفع طموح عملها المناخي، وفقًا لاتفاق “باريس” دون الإخلال بمبادئ الإنصاف وعدالة الانتقال مع توفير الحماية الاجتماعية، ودعم جهود تحقيق التنمية والقضاء على الفقر.
وقال إن ذلك لن يأتي، دون توفير بيئة دولية مواتية، تساهم في حشد التمويل اللازم للدول النامية، لدعم جهودها لمواجهة تغير المناخ والتكيف مع أثاره، وبناء القدرة على تحملها مع وضع التعهدات موضع التنفيذ، وتقليص الفجوات التي يواجهها عمل المناخ الدولي، على كافة الأصعدة، مشيرا إلى أن هذا بعض ما نصبو إلى تحقيقه، خلال رئاسة مصر لقمة المناخ القادمة، في شرم الشيخ نهاية العام الجاري، وسنعمل مع كافة الأطراف بحياد وشفافية، في سبيل ذلك.
واختتم الرئيس السيسى كلمته، بالتطلع أن تسهم الخلاصات والنتائج التي ستصدر عن المنتدى، والتي ستعكس النقاشات والمداولات القيمة التي دارت خلاله، في تعزيز فهمنا لحجم وأبعاد المشكلة العالمية التي نواجهها، وسبل المضي قدمًا، نحو إيجاد حلولٍ ناجعةٍ لها، تحقق تطلعات شعوبنا وآمالها المشروعة.
أ ش أ